نبذت النيل والفرات

الفروسية الجاهلية ليست نظاماً معيناً يفرض على أتباعه سلوكاً خاصاً، وهي ليست فروسية عسكرية، يتلقى فيها الفارس دروساً معينة ويدخل تدريبات مرسومة ليخرج منها فارساً يحمل شهادة تخوله الانخراط في صفوف هؤلاء الفرسان، وإنما هي مظهر من مظاهر الحياة نشأ عن عوامل اجتماعية وأخلاقية وحربية، وتطور على وفق أساليب معينة، وقد ساعدت على تطور هذا النظام فطرة عربية سليمة وجدت في قيم المجتمع الجاهلي هدفها الذي تسعى إليه.

في هذا الإطار تأتي الدراسة التي بين أيدينا والتي حاولت إبراز الصورة الحقيقية للفارس الجاهلي والقيم التي يحافظ عليها، ويرعاها ويحميها ويدعو إليها بكل وسيلة من الوسائل كما تتمثل في قصائد كثيرة من الشعراء الفرسان، كما وحاولت إظهار هذه الطبقة من الناس التي رسمت في الأدب الجاهلي أروع صور التضحية والإباء ورفعت الأدب العربي إلى أسمى درجات الكمال والنبل.

ويقع هذا البحث في ثلاثة أبواب تحدث الباب الأول عن الفروسية في المجتمع الجاهلي وذلك في أربعة فصول. الأول في مادة فروسية وما دارت عليه في كتب اللغة والمعاجم. الثاني في بواعث الفروسية وهنا يقول المؤلف "إنها ترجع أساساً إلى الطبيعة الصحراوية والمرأة والحرب وتمجيد البطولة وهي بواعث لعبت دوراً أساسياً في إثارة حركة الشعر الحربي، بما أثارته في نفوس الشعراء، وما رسمته في أذهانهم من حب واعتزاز وفخر وانتصار".

أما الفصل الثالث فقد خصصت لعناصر الفروسية المتمثلة في الخيال والسلاح. وفي الفصل الرابع تم لتحدث عن تقاليد الفروسية وأصولها وشاراتها وملابسها، وبالتالي تم التطرق إلى بعض العادات التي تعارف عليها الفرسان في معاركهم والأصول التي اتفقوا عليها والشعارات التي وضعوها كما تم وتطرق إلى الملابس التي كانوا يرتدونها في المعارك.

أما الباب الثاني فقد بحث في موضوع شعر الفروسية وتحدث عن أولية الشعر، ونظرية الشك والانتحال التي أثيرت حول هذا العصر والتي بولغ فيها مبالغة أثارت الدهشة والاستغراب. وذلك في ثلاثة فصول، عرض الفصل الأول لمصادر الشعر الجاهلي التي يمكن الاعتماد عليها في البحث لصدق روايتها وثقة رواتها، وخلص إلى أن المعلقات والمفضليات والأصمعيات والحماسات وجمهرة أشعار العرب والدواوين الشعرية الموثوقة روايتها، إضافة إلى الكتب الأدبية والتاريخية التي تعتبر من مظان كتب اللغة وأمهات مصادر الأدب، تعتبر بحق المصادر الأصلية في دراسة الشعر الجاهلي، أما الدواوين الشعرية وكتب الأدب الأخرى التي تثار حولها الشكوك فمن الواجب النظر إليها بحيطة وحذر وتحفظ.

أما الفصل الثاني فقد عقد لموضوعات الفروسية وكان أول هذه الموضوعات الفخر والحماسة، الغرضان اللذين امتزجا في تيار واحد فاستنفذا معظم الشعر الجاهلي وأمدا الشعراء بوقود جزل من التغني بالبطولات. أما ثاني هذه الموضوعات فهو الهجاء الذي تبادله الفرسان. وأخيراً تحدثت عن الرثاء الذي شغل جانباً عظيماً من الشعر الجاهلي لاتصاله الوثيق بالحماسة وأنه رثاء ندب به الأبطال في حومات القتال وعددت فيه مناقبهم وذكرت بطولاتهم.

أما الباب الثالث فقد تطرق إلى نماذج من شعراء الفروسية، فكان الفصل الأول مخصصاً للحديث عن الحب عند عنترة وتحدث عن عنترة الفارس الذي تمثلت فيه قيم الفروسية والبطولة ثم عنترة الإنسان الذي تمثلت فيه المروءة الجاهلية بكل ما تنطوي عليه من إنسانية، وعنترة العاشق أخيراً ذلك الذي يمثل بداية الحب العذري الذي ظهر عند العرب في العصور المتأخرة، وانتهى إلى أن شعر عنترة يعتبر النواة المشرقة التي مهدت لظهور هذا النوع من الشعر فيما بعد.

وكان الفصل الثاني حديثاً عن جانب الكرم عند حاتم الطائي، وقد تحدث هذا الفصل عن حاتم فارساً يمثل جوانب الفروسية وبين فلسفته في الكرم وقد حاول أن يرد عن بعض من فسروا الكرم عند حاتم بأنه سبيل إلى الشهرة والدعاية، وخلص إلى أن الكرم عنده طبيعة وفطرة.

أما الفصل الثالث فكان "عروة بن الورد والاشتراكية"، وقد ناقش هذا الفصل اشتراكية عروة، التي أضيفت إلى اسمه، وقد وجد أن بعض الذين كتبوا عن عروة كانوا متأثرين بالنظريات الاشتراكية الحديثة. ومن هذا التأثر كانت نظرتهم إلى عروة.



تقبلو تحياتي اخوكم الحب المنتهي

merci khoya

الله يحفظك اخي الكريم